مقدمة :
التطريز هي من الصناعات والمشغولات
الحرفية اليدوية والتي تشتهر بين النساء الخبيرات والمبدعات في فن الحياكة
وحرفة المشغولات اليدوية والذي تتناقلهن فيما بينهن من جيل إلى جيل ومن
الزمن القديم الى الزمن الحاضر . و التطريز فن تعلمها الأم الخبيرة في
التطريز لابنتها والأخت لأختها والجارة لجارتها ، والمتقنة لهذا الفن
تنقلها لباقي النساء ، فكل خبيرة في فن التطريز تنقل فكرتها وتصوراتها
وإبداعات فنِّها إلى جيلها والأجيال التي تليها عبر مرور الأزمان . يرتكز
إبداعات التطريز على الخبرة والدقة المتناهية في نقل هذا الفن من الطبيعة
الريفية والمدنية الى لوحة فنان تتجسد في الملبوسات النسائية وبعض ملبوسات
الأطفال و الرجال.
يتميز التطريز البدوي بألوانه الفاتحة و الداكنة اللون وخاماته البسيطة من
شعر الغنم وأصوافها و أوبار الإبل وأفكاره وأشكاله بسيطة جداً تعكس الحياة
الصحراوية البدوية البدائية .
والتطريز الريفي يتميز بألوانه الطبيعية الغنائة والمتداخلة و بالدقة
المتناهية والإبداع بأفكاره وأشكاله وكثافة التطريز على الثوب وأساليب
التطريز التي تعكس الحياة الريفية المختلفة على السهول والأودية والواحات
الخضراء والمناطق الجبلية والهضاب . وتستخدم نساء الريف في الصناعة
التقليدية المتوارثة في فن التطريز الخيوط الحريرية الملونة والقطنية
ولوحات الطبيعة التي ترسمهن رسماً على الثوب التي تميزها عن غيرها من
الثياب المطرزة .
وأما
التطريز بالمدن تختلف اختلافاً كلياً عن التطريز البدوي والريفي فبكونه من
مشغولات أهل المدن فهو يكاد ينعدم فيه تدخل الأيدي الناعمة النسائية
للتدخل الآلي في المصانع وإضافة بعض الخامات المصنعة آلياً التي قد تجعلها
تبدو طبيعة و يتميز بإنتقاء الألوان المتناسقة والأشكال المناسبة التي
تكاد أن تكون صعبة عملها بالأيدي ولكنها تكون مناسبة لأهل المدن ومتميزة
في الشكل تجمع بين التدخل الآلي والأيدي النسائية المبدعة .
يختلفأشكال التطريز وأساليبه وأماكن كثافته على الثوب
من منطقة إلى أخرى. وبذلك تتميز الثياب من منطقة إلى أخرى بأسلوب التطريز
وشكله وخاماته . وتتعرض صناعة التطريز التقليدية المتوارثة بين النساء
بالانحسار في السنوات الأخيرة والتأخر في الإنتاج للمطرزات الحرفية
اليدوية بتوجه قسم كبير من النساء بالأعمال الأخرى بالريف وتوجه نساء
المدن للأعمال المكتبية والتعليم وهجرة البدو إلى المدن لعيش وراحة أفضل ،
و انصراف كثير من النساء والأطفال و الشباب ولا سيَّما الجيل الجديدعن لبس
الملابس المطرزة والمشغولة اليدوية ولسهولة تواجد الملابس الأخرى المناسبة
للزمن الحالي بكثرة و بتكلفة أقل .
وبالتشجيع الأسري والتعليمي والمحلي لمن لهم اليد الطولى وتكثيف الإعلانات
التجارية والمنشورات عن صناعات الحرف اليدوية المطرزة واستعادة ذكريات
الماضي وإقامة الأسواق الشعبية التي تعود بنا للماضي للحرف اليدوية
والتطريز لإبراز فن و مهارات وإبداعات نسائنا وبناتنا بالحرف اليدوية
والتطريز لكونها كانت بالماضي القريب هي شغل الشاغل للأم والأخت والابنة
وللأسرة بكاملها لكسب الرزق وقوت يوم مضى .
التطريز عبر الزمن:
ويعود تاريخ هذا الفن في
الصين إلى أعماق التاريخ وارتبط بالحضارة الصينية منذ نشأتها، وسمحت
التقاليد الصينية بانتشار هذا الفن وتطوره، ويدون اليوم علماء الآثار
تاريخ هذا الفن الذي يعود إلى أكثر من 2255 سنة.
وأصبح فن التطريز واحداً من الفنون الشعبية المنتشرة بين مختلف شرائح
المجتمع وأخذ التطريز والنقش شكلاً جمالياً ومذهباً وأصبح فناً قوياً بعد
أن اعتراه هذا التطور الكبير.
فقد برزت الخطوط الفنية للتطريز وتعددت ألوانه، وسرعان ما تطور وتوسع نطاق
العمل بهذا الفن خصوصاً بين عامي 403 221 قبل الميلاد بحسب تقديرات علماء
الآثار والباحثين، ووصل إلى ذروته الفنية في عام 206 ق.م و220 ق.م.
وكان ذلك تحت تأثيرات الوضع الاقتصادي الجيد الذي عرفته الصين في هذه
الحقبة والذي انعكس على مختلف النشاطات في هذا البلد ومنها فنون التطريز
فأدخل الحرير في هذه العملية.
ومع اتساع نشاط الطبقات الغنية ازدهر هذا الفن وزاد الطلب على المنتجات
المطرزة بخيط الحرير والمذهبة. ومع تطور التقنيات الحديثة وظهور آلات أكثر
تطوراً أحدث نقلة نوعية في تقنيات التطريز لدى الرجال والنساء على حد سواء
ممن يعملون في هذا النشاط.
فكان التغيير على المستوى الجمالي كبيراً، إذ أعطت هذه الآلات الحديثة
المزيد من الحرية للمهرة باستخدام أنواع مختلفة من التطاريز وباعتماد
نماذج أكثر عصريةً وفتح آفاق جديدة لهذه المهنة، فيها جمال الحرفة ونقاوة
العمل على مستوى الكم والكيف،ويعود سر نجاح المطرزين والمطرزات إلى أسباب
عديدة، يأتي في مقدمتها ظهور آلات وأدوات حديثة تزيد من مهارات التطريز،
وسبب أساسي آخر هوارتباط فن التطريز مع فن الرسم بشكل وثيق، فأصبحت لوحة
الرسم مخططاً لعملية التطريز، وقاعدة له تحدد ألوانه وتعرف طبيعة خيوطه
وخطوطه.
يتبع..